05/28/2025 17:10:33
الاخبار الاحوازیه
المحمرة ومجزرة الأربعاء السوداء - القسم الاول

#صوت_الأحواز #الجبهة_العربية_لتحرير_الأحواز
بقلم: المهندس حسين علي الاحوازي - لندن ( إلى أولئك الذين وقفوا كالأسود على أبواب السفارة الإيرانية في لندن واقتحموها مُطالبينَ بتحرير الرهائن الأحوازيين الاثنين والتسعين المُحتجزين لدى سلطات الاحتلال الفارسي ). مدينة المحمرة إرثٌ زاهٍ على ضفاف الخليج العربي وشط العرب، ورثَتْ بحارَها وحروبَها، وزراعتَها وتطورَها، ونخيلَها وأثمارَه، وأُقيمت موانئُها بِحِكمة، وازدهَرَتْ البصرةُ بمدارسها الفقهية والعلمية، وخلّفَتْ عُلماءَ ورَّثَتْهم للمحمرة، من الباقلاني إلى الدورقي والمعتزلة، مُحدِّثينَ ورُسُلًا لغويينَ وشُعراءَ. اشتعلت الفوانيسُ ليلاً في شوارعها، وأنهارٌ شُقّت زمنَ الدولة العباسية عام 283 هـ، وأحيَتْها النخيلُ والمزارعُ. ورثَت المحمرةُ هذا الإرثَ الإنسانيَّ والعمرانيَّ والعلميَّ، ولم تقفْ عندَ حدِّه، بل أورثَتْ ثوراتٍ وانتفاضاتٍ وحُكْمًا وعلاقاتٍ دوليةً حديثةً، وشاركَتْ في كل قضايا الأمة العربية في صراعاتها مع العثمانيين وغُزاةِ الخليج... مِن بُرتُغاليين وهولنديين وبريطانيين. مدينةُ الشِّعر والثقافة واللغة، بُنيت عام 1800م وأصبحَتْ عاصمةً لإقليمٍ تُؤثِرُ قراراتُه في المنطقة مِن شمالِها إلى جنوبِها، حتى بلغَ الأمرُ بترشيح قائدِها الشيخ خزعل بن مرداو الكعبي (رحمه الله) لعرش العراق؛ قرارٌ حكيمٌ استراتيجيٌّ بَصُرَ به كبارُ الاستراتيجيين. وما استمرَّتِ الدولةُ العباسيةُ بقدرتِها الاقتصادية إلا بوجود الأحواز والعراق معًا. صارت هذه المدينةُ مَعلمًا حضاريًّا واقتصاديًّا في الوطن العربي، وقِبلةً للمحتاجين مِن أبناء الأمة، حتى دبَّر الاحتلالُ البريطانيُّ مكائدَه ضد خزعل وحُكمه، مُستخدِمًا تهديداتٍ مُمنهجةً عبر منشآت عبادان النفطية، وجالِبًا كلَّ المتخلفين مِن أطراف إيران لِيُحاصِروا المحمرةَ ذات المكانة العربية والاسلامية الرفيعة، ويُهَدِّدوها ويتركوها وحيدةً. ونشأ في أطراف هذه المدينة المتمسكة بعروبتها وإسلامها حزب تودة في عبادان لمحاربة قيمِها وأهلِها، فتحوّلت عبادان إلى مركزٍ له. لكنَّ المحمرةَ أبَتْ وقاومَتِ كل محاولة لتغيير طابعها العربي، وقاومت المحتلَ وحلفاءَه بكلِّ شكلٍ ووسيلة، وبقيتْ شمعةً أنجبت أبطالاً سطَّروا تاريخًا نضاليًّا مُشرِّفًا في سجلِّ الأحواز. نعم هذه هي مدينة المحمرة الأحوازية العربية.