11/06/2025 20:58:46
الاخبار الاحوازیه
بين التفاوض والحرمان.. شعوب تبحث عن الحياة
#صوت_الأحواز #الجبهة_العربية_لتحرير_الأحواز
تبدو طهران اليوم أمام مفترقٍ جديد في سياستها الخارجية، بين خطابٍ يرفع منسوب المواجهة، وآخر يفتح نافذة حذرة نحو التفاهم.
ففي حين شدّد علي خامنئي على أن الولايات المتحدة لا تريد سوى استسلام إيران، تؤكد الحكومة ووزارة الخارجية أن باب التفاوض مع الغرب لم يُغلق نهائيًا، ما يعكس تباينًا واضحًا في لغة القرار داخل الدولة.
وزير الخارجية الإيراني عبّاس عراقجي، وفي كلمة له بجامعة “بوعلي سينا” في همدان، أقرّ بأن جولات التفاوض السابقة مع واشنطن لم تحقق نتائج إيجابية، لكنه أشار في المقابل إلى أن بلاده لن تتردد في الحوار متى ما خدم مصالح الشعب.
حديث عراقجي يعكس إدراكًا بأن الأزمة لم تعد قابلة للإدارة بالشعارات وحدها، وأن المسار الدبلوماسي، رغم تعقيداته، يبقى أقل كلفة من استمرار العزلة.
غير أن هذا التوجه المعتدل يصطدم بمواقف أكثر تشددًا داخل مؤسسات النظام.
فمجلس النواب الإيراني يواصل هجومه على الوكالة الدولية للطاقة الذرية، متهمًا مديرها رفاييل غروسي ومفتشيه بتسريب معلومات حول المراكز النووية الإيرانية إلى أجهزة استخبارات غربية وإسرائيلية.
كما أقرّ قانونين “استراتيجيين” يقضيان بإلغاء العقوبات وتعليق التعاون مع الوكالة ما لم تُقدَّم ضمانات لأمن المواقع والعلماء الإيرانيين.
في خلفية هذا المشهد، يحاول الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الحفاظ على توازن دقيق بين ضرورات السياسة وضغوط الواقع.
فقد قال بوضوح إن إدارة الأزمة لا تكون بالشعارات، فالشعب جائع ويحتاج إلى حلول واقعية، في إشارة إلى أن معركة طهران الحقيقية لم تعد فقط في الميدان السياسي، بل في القدرة على استعادة الثقة في الداخل.
تتحرك إيران اليوم في مساحة رمادية بين الثابت والمتغير.
فهي تدرك أن التفاوض مع الغرب قد يفتح متنفسًا في جدار العقوبات، لكنها تخشى أن يُفهم ذلك كتراجعٍ عن خطاب السيادة الذي شكّل ركيزة خطابها منذ عقود.
غير أن هذا الخطاب، الذي يتغذّى على مفردات الصمود والمواجهة، يبدو بعيدًا عن واقع الداخل الإيراني، حيث تتقاطع معاناة الشعوب غير الفارسية — من العرب في الأحواز إلى الأكراد والبلوش والأذريين — مع سياسات التهميش والحرمان الممنهج.
فبينما تُنفق الدولة جهدها في معارك خارجية ورمزية، تبقى هذه الشعوب على هامش التنمية، تعيش يوميات الفقر والبطالة وتآكل الخدمات، دون أن تنال من “الصمود الوطني” سوى شعاراته.
تبدو معادلة إيران اليوم أكثر تعقيدًا مما تُظهره خطاباتها الرسمية.
لا يمكن لأي سياسة خارجية أن تنجح ما لم تُبْنَ على استقرارٍ داخلي عادل، ولا معنى للكرامة في خطابٍ يتجاهل الإنسان.
وبين لغة المواجهة وخطاب البراغماتية، تبقى طهران معلّقة في منتصف الطريق، تبحث عن توازنٍ يحفظ شكل الدولة، فيما تضيع روحها بين الحاجة إلى الانفتاح والخوف من التغيير.
