12/20/2025 19:47:10 الاخبار الاحوازیه

الصوت الحر في زمن الأنظمة الشمولية

Alternate Text


#صوت_الأحواز #الجبهة_العربية_لتحرير_الأحواز


                    بقلم:  كمال عبد الكريم
نائب الأمين العام للجبهة العربية 
لتحرير الأحواز 

في زمن الأنظمة الشمولية، ولا سيما تلك التي تتكئ على أيديولوجيا دينية لتبرير سلطتها، يبرز الصوت الحر بوصفه أحد أخطر التحديات التي تواجهها هذه الأنظمة. فالصوت الحر لا يخضع لمنطق الترهيب، ولا يستسلم لسطوة المقدّس المسيَّس، بل يخاطب العقل الإنساني بلغة المنطق والشفافية، كاشفًا واقعًا مشوَّهًا يتناقض جذريًا مع القيم الإنسانية والحقوق الأساسية التي تكفل للإنسان حياة كريمة قائمة على الحرية والكرامة.
وتكمن خطورة الصوت الحر في كونه لا يقتصر على التعبير الفردي، بل يتجاوز ذلك ليغدو فعلًا نقديًا واعيًا، يزعزع البنية التي تقوم عليها الأنظمة الشمولية، وعلى رأسها مفهوم (العقل الجمعي المُصنَّع) ، أو ما يمكن تسميته بسياسة القطيع، وهي السياسة التي تعتمدها هذه الأنظمة لإلغاء الفرد وتحويله إلى كيان تابع منزوع الإرادة، عبر مصادرة حريته الفكرية والثقافية والعملية، وقمع كل أشكال الاختلاف التي لا تنسجم مع رؤيتها الأيديولوجية أو مصالحها السلطوية.
والأشد تهديدًا لتلك الأنظمة أن الفكر الحر لا يموت بالقمع، بل يتحول إلى ما يشبه الجمرة الكامنة تحت الرماد، قد تخبو ظاهريًا، لكنها تظل محتفظة بحرارتها، لتشتعل مع أول نسمة وعي أو حركة فكرية مناهضة للاستبداد. فالقمع لا يُنتج الاستقرار، بل يؤجل لحظة الانفجار، ويراكم أسباب السقوط.
ويظهر هذا النموذج بوضوح في التجربة الإيرانية المعاصرة في ظل نظام ولاية الفقيه، حيث تُمارَس السلطة باسم الدين، ويستخدم المقدس أداة للهيمنة والسيطرة. 
وإذا كان تاريخ إيران قد عرف أنظمة شمولية متعاقبة، فإن الفارق الجوهري بين تلك الأنظمة والنظام الحالي يكمن في طبيعة الأداة المستخدمة للقمع، فبينما اعتمدت الأنظمة السابقة على أيديولوجيات قومية تشرعن سيطرتها السياسية، غالبا بدعم خارجي، فإن النظام القائم اليوم يُعد أكثر فجاجة، لأنه يوظف الدين والقيم الإنسانية العليا لتبرير القمع، وسحق إرادة الشعوب، وقتل كل صوت حر.
وتحت شعار (ولاية الفقيه) التي تحولت في ممارستها إلى شكل من أشكال العبودية المقدّسة، يقمع كل من يرفضها أو يعلن التمرد عليها. ولم تتوقف آثار هذا النموذج عند حدود الجغرافيا الإيرانية، بل امتدت إلى عدد من الدول العربية التي تعيش تحت وطأة ميليشيات موالية لمركز القرار في قم وطهران، ما عَمَّقَ أزمات القمع، وقوَّض سيادة الدولة، وكرَّس مناخًا عامًا من الخوف وتغييب الوعي دون أن ينجح في إخماد جذوة الفكر الحر، التي تظل دائمًا قادرة على الاشتعال مهما طال زمن القمع.