12/29/2025 18:04:05
الاخبار الاحوازیه
متى يحسن الانسان الاختيار
#صوت_الأحواز #الجبهة_العربية_لتحرير_الأحواز
بقلم: كمال عبدالكريم
نائب الأمين العام للجبهة العربية لتحرير الأحواز
متى يحسن الإنسان الاختيار؟
حين يمتلك الشجاعة ليكسر اصنامه بيده، لا ان يلعنها سرا ويواصل السجود لها علنا.
فالاصنام اليوم لم تعد حجارة تعبد، بل افكارا جامدة، يقينيات موروثة، وسلطات فكرية تطالب بالطاعة لا بالفهم.
وفي زمن صار فيه العلم متاحا، لم يعد التمسك بالوهم جهلا بريئا، بل مشاركة واعية في اعادة انتاج الكذب.
اخطر الاصنام تلك التي تتخفى في ثياب القداسة او العقلانية الزائفة، اصنام تحرم السؤال، وتجرم الشك، وتطلب من الانسان تعطيل عقله باسم النجاة او الهوية او الخلاص. عندها لا يُطلب من الفرد ان يفهم، بل ان يصدق، ولا ان يختار، بل ان ينصاع.
وهكذا تتحول الطاعة الى فضيلة، والعقل الى عبء يجب التخلص منه.
المشعوذ لا يخلق الخرافة، بل يعثر عليها جاهزة في عقول انهكها التفكير، فاثرت السكينة المزيفة على القلق الخلاق. فالقطيع لا يقاد بالقوة، بل بالطمأنينة، طمأنينة ان احدا اخر يفكر بالنيابة عنه، ويقرر عنه، ويمنحه يقينا معلبا يريحه من مسؤولية الحرية.
وحين تقدس الاصنام، يصبح تحطيمها جريمة اخلاقية، ويوسم المختلف بالعداء او الجنون.
غير ان المجتمعات لا تنهار حين تكسر اوهامها، بل حين تعجز عن كسرها.
فالمستقبل لا يبنى بعقول راكعة، بل بعقول تجرؤ على الوقوف وحدها، حتى ولو في العراء.
وفي هذا السياق، فان ما يمارس اليوم من مصادرة منهجية للعقل الانساني، وتحويل الفكر الى اداة طاعة، والدين الى سلطة شمولية، كما هو الحال في نموذج ولاية الفقيه، ليس مجرد انحراف سياسي، بل مشروع شامل لتغييب الوعي، والغاء الفرد، واعادة تشكيل الانسان بوصفه تابعا لا فاعلا، وهو مشروع لا يهدد الحاضر فقط، بل يضع مستقبل الاجيال القادمة على طريق الضياع الاخلاقي والقيمي، لان اخطر اشكال الانحلال هو ذاك الذي يفرض باسم الفضيلة.
فالاستعمار، قديما وحديثا، لم يكن يوما بحاجة الى سلاح بقدر حاجته الى عقل مُصادَر. اذ لا شيء يسهل اخضاع الشعوب اكثر من تجريدها من حقها في التفكير، ومنعها من مساءلة ما يقدم لها بوصفه قدرا او حقيقة نهائية.
وحين يُكسر هذا الحق، تكسر معه امكانية النهوض، وتختزل الحياة الكريمة في مجرد بقاء بلا معنى.
تحطيم الاصنام ليس فعل هدم، بل شرط ولادة.
وما لم يتعلم الانسان ان يكون قاسيا على اوهامه، سيظل عبدا لها، حتى وهو يردد بكل اطمئنان انه حر.
