12/28/2022 19:53:37 الاخبار العالمیه

الجزائر أمام فرصة تاريخية للانتقال إلى قوة اقتصادية

Alternate Text


الجزائر أمام فرصة تاريخية للانتقال إلى قوة اقتصادية الجزائر 28 كانون الأول/ ديسمبر (د ب أ)- من قرار رفع رواتب الموظفين إلى تصريحات رئيس البلاد عبد المجيد تبون، المتفائلة جدا، وتهافت أوروبي غير مسبوق على غازها، تودع الجزائر 2022، وهي تأمل في ان يكون العام المقبل الذي رصدت له أكبر موازنة منذ استقلالها، موعدا حقيقيا للازدهار والرفاه، وتحقيق الانجازات الضخمة التي تجعل منها قوة إقليمية حقيقية.


                    عندما قال الرئيس تبون، انه يتطلع لأن تنضم الجزائر إل مجموعة " البريكس" قبل نهاية العام المقبل، فهو بذلك يكون قد درس بدقة مع مستشاريه، المؤشرات الاقتصادية الكلية للبلاد، خاصة في ظل الأرقام القياسية التي بلغها سعر الغاز في الأسواق الدولية، وبقاء برميل النفط في مستوى مرض جدا يفوق السعر المرجعي الذي حدده قانون الموازنة لعام 2021، مما ساهم في ارتفاع احتياط النقد الأجنبي إلى حد فاق كل التوقعات.

يدرك تبون، وخبراء الاقتصاد، أن زيادة الاستثمارات وتحسين الانتاج في الكثير من القطاعات بهدف رفع الناتج الداخلي الخام السنوي إلى 200 مليار دولار، كفيل بتحقيق كامل الأهداف المخططة، والحد من تناقضات السوق المحلية التي ميزها حتى الآن بلوغ أسعار الخضار والفواكه واللحوم، لمستويات قياسية انهكت جيوب الكثير من السكان.
كل شيء متوقف على إرادة المسؤولين

تقول وداد، وهي طبيبة، لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ)، إن الجزائر البلد القارة تملك كل مقومات تحقيق النهضة الاقتصادية؛ ليس فقط لكونها تمتلك المحروقات، ولكن لتوفرها على ثروة لا تنضب من الخيرات والامكانات التي لو يتم استغلالها على النحو الأمثل، ستجعل شعبها يعيش الرخاء والنمو على غرار شعوب بقية الدول الغنية. لكن وداد، سرعان ما تستدرك وتتساءل إن كان القائمون على البلاد لا يدركون ما يفكر فيه هذا الشعب من ضرورة تطوير البنى التحتية والاستثمار بقوة في الموارد البشرية، إلى جانب الزراعة، والسياحة والخدمات والطاقات المتجددة.

وتسترسل بالقول : " اقتنعت أخيرا أن كل شيء متوقف على إرادة المسؤولين، أهدرنا في السابق الكثير من الوقت والفرص. اليوم لا مجال لرهن المستقبل، يكفي فقط اتخاذ القرار الصحيح في الزمان والمكان المناسبين".

يتحسر مسعود، العائد لتوه من مدينة أدرار، الواقعة جنوبي غرب الجزائر والتي تفوق مساحتها مساحة ألمانيا، والكثير من دول الاتحاد الأوروبي، على عدم الاستفادة من الكثير من الموارد التي تجود بها الطبيعة والتي كانت ستدفع بالبلاد إلى مراتب متقدمة في مجال التنمية المستدامة.

ويقول مسعود: " مدينة أدرار تذكرني بمدينة الدوحة عاصمة دولة قطر التي زرتها قبل سنوات عديدة، لكن انظروا اليوم إلى الدوحة التي أصبحت قطبا عالميا، لكن أدرار لا زالت منطقة تسيطر عليها مساحات شاسعة من رمال الصحراء تنتظر استثمارات تنقذها من حالة الجمود والركود التي تعيشها".

ويعتقد مسعود، ان فتح خطوط جديدة للنقل بالسكك الحديدية يصل العديد من المناطق المعزولة ببعضها البعض من شأنه أن يشعر السكان بنوع من الاطمئنان على المستقبل، غير أنه يشدد على أن عدم إرفاقها بمشاريع استثمارية طموحة سيجعل من درجة تأثيرها محدودة جدا.

فرصة لن تتكرر أبدا

يقول الخبير الدولي في مجال الطاقة مراد برور، إنه لم يسبق أن كانت الجزائر في موقع قوة في مفاوضاتها مثلما هي عليه في الوقت الحالي، بل أمامها اليوم " فرصة لن تكرر أبدا"، خاصة في ظل التقلبات السريعة لأسواق الطاقة في ظل الأزمات العالمية والاقتصادية المتعددة.

يفسر برور، تهافت الدول الأوروبية على الجزائر بما فيها تلك التي لا تربطها بها علاقات معروفة وسابقة، لإدراكها بأن هذا البلد بات شريكا موثوقا به وذو مصداقية خاصة بعدما أوفى بعقود الغاز حتى خلال موجة العنف التي شهدها في تسعينيات القرن الماضي، وخلفت عشرات آلاف القتلى والجرحى، وانهيار المنظومة الاقتصادية التي سجلت خسائر بملايير الدولارات.

ويؤكد برور، أن الجزائر باتت تحتل مكانة متزايدة في سوق الطاقة، داعيا إلى اغتنام هذه الفرصة من خلال تبني " نهج حازم" ليس كمصدر ثانوي، ولكن كدولة تعالج منتجات الطاقة والأراضي الجذابة للاستثمار الأجنبي، وخاصة الأوروبي.

ويستطرد بالقول " الغاز هو الرافعة التي على أساسها يمكننا أن نحصل على طموحات استراتيجية. يجب أن ننتهز هذه الفرصة لتعزيز مكانتنا التنافسية".

حتى قبل أن يعلن كبار المسؤولين في الجزائر عن رغبة كبيرة في مضاعفة انتاج الغاز الطبيعي من أجل تلبية طلبيات توريده إلى الخارج، بدأ توجه آخذ في الاتساع لحث الحكومة على التفكير في الاستثمار في الأزمة " الاقتصادية" التي تعيشها أوروبا الناجمة عن تقلص مصادر الطاقة في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية.

ويرى هؤلاء ومن بينهم خبراء اقتصاد، أنه يتعين على الجزائر أن تفاوض على نقل وحدات صناعية وانتاجية من أوروبا إلى أراضيها، خاصة وأنها تتوفر على بيئة ملائمة جدا كتوفير اليد العاملة الرخيصة حتى ولو كانت غير مؤهلة بالشكل المناسب، وخصوصا سعر الغاز الذي لا ينافس ولا يمكن مقارنته بأي مكان آخر.

يدرك هؤلاء جيدا أن هذه المهمة ليست سهلة على الإطلاق، ولكنهم يؤمنون بأن ثمة إمكانية لإنجازها في حالة إذا ما عرف الفريق المفاوض إقناع الطرف الآخر المطالب بالبحث عن حلول أخرى تجنبه الإغلاق وحتى الافلاس.

لم يعد الغاز والنفط، الورقة الوحيدة التي تملكها الجزائر في مجال الطاقة، فهي توفر أكثر من 3500 ساعة شمس، وهناك الهيدروجين الأخضر والأمونيا والكهرباء التي تأمل في تصدير الفائض منها في المنظور القريب باتجاه أوروبا، وهو ما يجعلها في موقع تفاوضي قوي من جميع الجوانب ومع جميع الأطراف.

عودة الجزائر للساحة الأفريقية لها ما يبررها، فهي تروج لإنشاء منطقة للتبادل الحر ضمن استراتيجيتها القائمة على "التنويع المثمر للشركاء الاقتصاديين والتجاريين"، ونيل حصتها من سوق واعدة ذات نمو لا يقل عن ثلاثة آلاف مليار دولار.

واقتربت الجزائر بالفعل من اتمام الطريق العابر للصحراء في شطره المار بأراضيها على مسافة 2300 كيلومتر، ودعت الهند والصين من أجل الاستثمار في هذا المشروع الضخم الذي يبلغ طوله الكلي 10 آلاف كيلومتر، ويصل البلاد بتونس والنيجر ومالي والتشاد ونيجيريا.

قد تؤشر المكاسب التي حققها الدينار المحلي أمام العملات الاجنبية الأخرى لأول مرة منذ أكثر من عشر سنوات، على أن الجزائر تسير في طريق يؤهلها للتخلص من أزمات أرهقتها كثيرا، لكن ذلك يبقى مرهونا بتحمل الجميع لمسؤولياته كاملة غير منقوصة.